Fuente: AL-QUDS AL-ARABI (8/8/2009)
تطوان (المغرب) ـ 'القدس العربي': يعتبر الملف الديني الإسلامي الخاص بالجالية المغربية في اسبانيا من ضمن الملفات الساخنة بين مدريد والرباط بسبب غياب الثقة بين الطرفين في التعاطي مع هذا الملف. غير أن الإسلام في اسبانيا يشهد لاعبا ثالثا إلى جانب البلدين ويتعلق الأمر بتنظيم 'العدل والإحسان' المعارض للنظام المغربي الذي أسس أئمة مقربون منه مؤخرا 'رابطة أئمة المسلمين اسبانيا'
خارج سيطرة الرباط
في هذا الصدد، أقدم أكثر من سبعين إماما أغلبهم من المغرب مؤخرا على تنظيم 'رابطة أئمة المسلمين في اسبانيا' في اجتماع في مدينة كارتخينا شرق اسبانيا. وجاء في القانون الأساسي أن الأمر يتعلق 'بجمعية ذات طابع ديني تلتزم بمبدأ احترام جميع المعتقدات في اسبانيا وكذلك الدستور وتهدف إلى إنشاء مؤسسة حاضنة للأئمة والمرشدين والمرشدات علاوة على الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم في اسبانيا'. واختار الأئمة رشيد بوطربوش وهو إمام مسجد من غرناطة كرئيس للتنظيم الجديد. وبوطربوش عضو رابطة علماء المغرب وعضو مؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بلندن وعضو مؤسس للجنة العلمية الأوروبية ببروكسل. ويتكون المجلس التنفيذي من خمسة أعضاء ثم مجلس شوري من 17 فردا من ضمنه إمرأتان، ليكون من المجالس الأوروبية الإسلامية النادرة حيث خصص مقاعد للمرأة ضمن هياكله. ويبرز رئيس المجلس رشيد بوطربوش أن 'المجلس مستقل في قراراته عن جميع الجهات ويحبذ عدم تدخل أي طرف أجنبي لأن التدخل دائما له صفة سياسية والدفاع عن مذهب ما'
وحول التوجه الديني الذي يعتمده المجلس، أبرز رشيد بوطربوش 'المذهب المالكي أساسا باعتباره مذهب السواد الأعظم من المسلمين المقيمين في إسبانيا'. ويذكر أن 85' من مسلمي اسبانيا هم من المغاربة
لاعبون ثلاثة وحسابات مختلفة
في غضون ذلك، يأتي تأسيس 'رابطة أئمة المسلمين في اسبانيا' ليكشف أن الساحة الإسبانية تتجاذبها أساسا ثلاثة أطراف، المغرب الذي يمتلك أكبر جالية إسلامية في هذا البلد الأوروبي ويرغب في تطبيق شعاره 'الحفاظ على الأمن الروحي للجالية المغربية' ثم الدولة الإسبانية التي ترتاب في المغرب أكثر من أية جهة أخرى لأنها تخاف من تحويل 'الرباط للمسلمين لطابور خامس' وتعمل من أجل الإسلام الإسباني وأخيرا جماعة العدل والإحسان في ثوبها الإسباني أي التنظيم المرتبط روحيا بالمركز في سلا.وعلى ضوء المعطى الجديد، فالمغرب يبدو أنه فقد السيطرة على الملف الإسلامي في اسبانيا لأن لا حضور له في عملية التأسيس نهائيا بل التنظيم الجديد يدور في فلك المعارضة الدينية
وفي الوقت ذاته، تعتقد اسبانيا أنها قد نجحت في إقامة الإسلام على الطريقة الإسبانية، وهي في هذا قد نجحت نسبيا إلا أنها ترتكب خطأ كبيرا، فهي تدعم بعض الجمعيات المحسوبة عليها مثل 'تجمع الهيئات الإسلامية في اسبانيا' التي يسيرها مشارقة دون مغاربة
ومن ضمن ما يترتب عن هذا الوضع أن المغاربة يرغبون في إقامة هياكل إسلامية خاصة بهم مستقلة عن الإدارة الإسبانية
ويبدو أن 'العدل والإحسان' تحقق مكاسب عديدة وفي صمت في هذا الشأن، فهي تؤسس أول تنظيم موحد وشبه شامل للأئمة المؤثرين في اسبانيا، لا سيما وأن هذه الرابطة أصبحت المصدر الوحيد تقريبا للفتوى في الإشكاليات التي يطرحها المهاجر المسلم. وهذا المعطى الأخير، سيجعل 'رابطة أئمة المسلمين في اسبانيا' ذات نفوذ قوي في أوساط الجالية المغربية في هذا البلد الأوروبي
وترغب الرابطة في تفادي التوتر مع الرباط ومدريد. فمن جهة هي تمتنع عن التعامل مع المغرب بشكل مفتوح إذ أبلغ مصدر بالرابطة 'القدس العربي' أن المغرب الرسمي 'لا يفهم قواعد الحوار وهو يبحث فقط على الولاء وعلى الاستقطاب لكي تنفذ أوامره'، لكن في الوقت ذاته لا ترغب الرابطة في إغضاب المغرب ويكفي أن رئيسها رشيد بوطربوش يؤكد قولا وفعلا الدفاع عن 'المذهب المالكي'
ومن جهة أخرى، فالتنظيم الجديد وإن كان ينفلت من سيطرة الإسبان فهو لا يغضب سلطات اسبانيا لأنه يتبنى إسلاما قريبا من تصور الإدارة الإسبانية وخاصة في عدم التعامل مع جهات خارجية خاصة المغرب والعربية السعودية
وهكذا، ففي الوقت الذي تتنافس فيه الرباط ومدريد للسيطرة على الشأن الديني الإسلامي في اسبانيا، تعزز العدل والإحسان من تواجدها
Comentarios
Publicar un comentario